تحديات ما بعد الجرود


On 23 July, 2017
تحديات ما بعد الجرود

 

اذا كان من المعيب في نظر كثيرين التطرق الى الدور غير الشرعي لـ"حزب الله" في الحرب الاهلية السورية، فيما يخوض حربا ضد الارهاب لتنظيف الجرود المشتركة بين البلدين من المقاتلين الذين يشكلون خطراً على السلم الاهلي، وخصوصاً على اخوتنا اللبنانيين غير الآمنين في المناطق الحدودية، وهي معركة امكنه كسب التأييد لها شعبياً، ورسمياً من دون اعلان رسمي، فان مرحلة ما بعد الجرود تتطلب فتح هذا الملف على مصراعيه الا اذا كانت الدولة بكل مكوناتها قد استقالت من مسؤولياتها الاساسية ومحت الدستور وطمرت خطاب القسم وداست كل بيان حكومي.  

ثمة فارق بين المبدأ والواقع. الواقع معيش بحكم فائض القوة والحسابات السياسية الداخلية والاقليمية، أما المبدأ فلا يمكن تناسيه وتجاوزه واعتياد ذلك، لأنه يشكل قتلاً منهجياً لفكرة الدولة والغاء لمؤسساتها. واذا كان فريق أو أكثر اعتاد التجاوزات وأدمنها، وهو يجد أحياناً من يشرّع له هذا التجاوز، فان كثيرين لا يزالون في النضال الحقيقي لرفعة شأن الدولة، لانها وحدها الضمانة للمستقبل. 

من واجب الدولة البحث في شرعية مشاركة "حزب الله" في الحرب السورية، خصوصاً انه صار المبادر الى تحديد مواعيد معارك ومسارها تنطلق من سوريا وتنعكس بطريقة أو بأخرى على لبنان بتشاور ضمني مع السلطة اللبنانية، ولكن من دون المرور بالسلطة التنفيذية الممثلة بمجلس الوزراء. والحقيقة ان الدولة في عهد الرئيس ميشال سليمان رسمت خطوطاً عريضة عبر "اعلان بعبدا" الذي صار منبوذاً لانه حدد للبنان موقفاً محايداً لا يجوز معه التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة والمجاورة، فلا اصطفاف مع سلطة، ولا مناهضة لارادة الشعوب في تقرير مصيرها. فيما جنحت السلطة حالياً، ومن دون اعلان رسمي أيضاً، لمصلحة النظام. 

ومن واجب الدولة أيضاً ترسيم حدودها الجغرافية مع سوريا بدءاً من مزارع شبعا وصولاً الى جرود عرسال. فهل سأل أحد عن الحدود الفاصلة في الجرود بين لبنان وسوريا؟ هل المعارك الحالية تدور على أرض لبنانية أو سورية؟ يقال إن مساحة الارض 300 كيلومتر سيصار الى تسليمها "نظيفة" الى الجيش اللبناني، فهل يضع الأخير نقاط مراقبة حدودية ويعمل على اقفالها؟. 

ليس مستبعداً ان تنشأ خلافات لاحقة على ترسيم الحدود، خصوصاً ان النظام السوري الطامع أبداً بلبنان، لم يعترف الى اليوم بلبنانية مزارع شبعا، وهو يتعمد ترك الامور معلقة لأغراض مشبوهة في تحسين نقاط تفاوضه مع "العدو" ولو على حساب "الشقيق".

ان الداعين الى اتصال بالنظام السوري لتوفير حل لمشكلة اللاجئين، يجب ألا يغيب عن دعوتهم واصرارهم، استعدادهم لترسيم الحدود السياسية والجغرافية، فيتعاملون مع سوريا بمنطق الند للند، لأن أي اتصال بمنطق الخضوع والاستزلام المعمول به، لن يعيد لاجئاً، ولن يفيد ألا بخدمة اضافية للنظام.

nayla.tueni@annahar.com.lb

Twitter:@naylatueni


إقرأ أيضاً

3 رسائل سبقت الحريري الى واشنطن
مظاهرات في أنقرة والشرطة التركية تعتقل العشرات